ما أَثقل الحِمل الَّذي نُحَمِّله للأَيَّام
وَ كأَنَّها المُذنِبة وَالمُلامَة على أَقدارنا
كَدولابٍ يَدورُ وَيقلِبُ تارةً على شَعبٍ وَمِنطقةٍ و َطورًا على شَعبٍ آخرَ وَمنطقةٍ أُخرى.

لكنَّ الحقَّ يقال أَنَّ يومًا واحدًا كان كافيًا لأَعي أَنّ الأَيَّام أَقدارَ صُنعِ بَشَرٍ وَأَنَّها ليست حقيقةً بأيامٍ بل بأفعالٍ.
إذا كيف لأيٍّ كان ادّعاء البراءة؟ مستحيل!
وإن كان الكلُّ مذنب فلِمَ لا نكف؟
إِنَّ خوفنا من الحقيقة يجعلنا ندَّعي الظُّلم…
لا… كفى تنَصُّل من المسؤولِيِّة
إِنَّ خوفَنا لا يُوجد إِلَّا بإذن وَادِّعائِنا لا يأتي إِلَّا بقرار
فتصبح الحقيقة:
إِنَّنا أَيّ نحن أَيّ أَنا خفنا أَيّ خِفتُ فادَّعينا أَيّ ادّعَيْتُ أَنَّنا أَيّ أَنّي مظلوم. وَالظُّلم يَجرُّ الظُّلم.
و العدوّ هو دائمًا البادئ وَالظَّالم وَالأَظلم. أَمَّا نحن فلا خيارَ لنا وَلا حَول ولا قوَّة إلَّا بالله
و إذ بي أَرى حول الله وَقوَّته تتحوَّلان شيئًا فشيئًا إِلى حديدٍ حامي صُنع شياطين بشر.
حديدٍ يفتِكُ بالحجارةِ، بالطَّبيعةِ، بالأَجسادِ وَالأَرواحِ، بالإنسانِ. وَلكن ما لي؟ عدو يضرب عدو.

نهار الأربعاء
رأَيتُ العدوّ وَطلبَ منِّي كنزةً
غضبْتُ كيف أَعطيته إذ إنّي بريء مظلوم
و غضبْتُ من تفكيري أَلّا أُعطيه فاتَّضح أَنّي مُذنبٌ ظالمٌ
غضبتُ كيف إِنّي لا أُبغضه مع أني بريء
و غضبتُ من إِرادتي بغضه فأصبحت مذنبًا
لأوّل مرَّة أَحسست العطاء خيانة والخيانة وفاء

يومَ أربعاءٍ عشوائي
لَم يعد العدوّ عدوّ
بل مجرد غريبة طلبت منّي كنزة وَأَعطيتها
أَرهقني العطاء، إِذ إِنّ المسألة ليست بكنزةٍ
بل بصورةٍ وَأَفعالٍ لم يكن لأَيٍّ مِنَّا دخل بها
أمَّا الآن فلا دخل لأحد سوانا.
إِنّي إِنسان يحفظ كلمته، وَأَيّ حاجة أن أحفظ كلمتي حيث أبذلها مطمئنًّا؟
و هل من بذلٍ يعرِفُ حقَّ الاطمئنان؟
إنّ الكلمة الّتي لفظتها هي: العطاء دون حساب ولا مقابل
لذلك أعطيتها كنزة و لكنّي انسحبت منهمكًا تخالجني نشوة انتصار و لذعة خسارة في آن معًا. خسرت ما ظننته جزءًا منّي و ربحْتُ ما لم أَكُن أتخَيَّل أَنّي قادر على خسارته … لا أعلم إن كان كلامي منطقيّ و لا يهمّني

ما يهمّني هو أنّي،
ذاتَ يوم، أَعطيت الغريب كنزةً
ولم يعد غريب ولو بقيَ مختلف
حيّرني العطاء،
وَأَربكني الاختلاف فانسحبت مصدومًا إِلى داخلي.
و هناك أيضًا عادت المختلفة تطلب منّي كنزةً
و كنتُ بردان أيضًا
فعرَفْتُ أَنَّنا لا نختلف في الطَّقس القارس.
علمْتُ أَنَّنا لا نختلف في أَيّ طقسٍ كان.
وَأَنَّنا، أنا اللُّبنانيّ المسيحيّ و هي السُّوريَّة المُسلمة، وجهان لإنسانيَّةٍ بَردانةٍ تَئِنُ في غِربتِها عن ذاتها.
تَشاركنا الهويَّة في تبادُلنا العطاء.
أَعطيتُها دِفءَ كنزةٍ وَهي أَعطتني الله.

إدي أبي يونس
10.12.2016