الحياة كلمة نطقها الله. لذا اتروى كثيرا قبل أن انطق اي كلمة على هذه الحياة. لكن، ولفترة ما عادت قصيرة، هناك كلمة لا تنفك تعود الي لتصف حياتي : الغربة.
الغربة في وسط الجموع التي تدعي الفهم وتراشق بعضها البعض بالكلمات الرنانة. كلمات يصبح الكل عليم بها فجأة فلا يخطر على بال احد أن يسألهم عن معناها، بل لا يتجرأ لئلا ترميه نظرات الاستخفاف خارجا. هناك حيث صدقه لا يهدد جهلهم المتنكر بجلباب الجهابذة. الغربة في وسط الجموع التي تطارد السير المهنية. الغربة في كل مرة طمرتني منتجات الرأسمالية، واحاطت بي عاداتها الاستهلاكية. في كل مرة أحسست اني انا من منتجاتها أو غازلت عاداتها.
الغربة بين جبال كتب تطوير الذات، باولو كويلو واحلام مستغانمي.
الغربة حتى عن الكلمات، ما عدت ادعوها كلماتي، لا أملك شيئا هنا، ولا أريد شيئا سوى أن يعرف جسدي نفسه فسحة، وان اقبل ذاتي. اقبلها لأنها تأتي من آخر واقبلها بأني لست اي آخر بل انا، غريب وفي هذا شيء من الطمأنينة، من الراحة وكل السلام الذي لا ينتزعه احد.
٢٨ / ٣ / ٢٠٢٢


بعيد انا عن كل النظرات التي تبحث عن الخلاص خارجا.
بعيد انا، في وحدة الليل وصمته، غريب عن ضوضاء الهويات المتناحرة. منزوي كوني أجهل تدوير الزوايا، منزوي وجد نفسه في وسط غرفة لم يخترها. غرفة عنونتني دخيل، وحسنا فعلت، فإني لم اعتد يوما عشرة الهياكل الباردة.
غريب انا، اجنبي اللغة، اتلعثم في احاديثهم، بل حديثهم، المعتاد، المكرِّر والمكرَّر. فالانسان يصنع الحديث والحديث يصنع الإنسان الحديث.
لكني لست بحديث ولا صاحب حديث، ولا انا قديم أو صاحب اقدمية. مذ ان اقسمت الا اتآلف والتصنيف، ما عاد لي متكأ.
هل هي حرية أو هو خوف؟ هي حرية خائف الا يكون حرّا بصدق، وخوف حرّ الا يخاف اليوم او اي يوم.
ما الايام حقا؟ هي تقاذف الإنسان بين الخوف والحرية، بين المد والجزر، بين السماء والأرض، بين الحرف والروح. هو تقاذف الإنسان في غربة كل مكان والفة كل جزء من هذا الكون الفسيح.
هي عودة إلى ما لا نعلم اننا نعلمه، هي عودة إلى ما هو أفضل مما كنا عليه. عودة، هذه الحياة، حتى العودة الكبرى والتي لا مفر منها ولا عودة عنها، أو منها. وإلى ذلك الحين، أعود إلى غربة لاعرفها حياة، تتعثر احيانا، تتعب، ترتاح، تتخلى عن المتوجبات ، تتخطى التوقعات، تحاول وتعود دوما للمحاولة لتعود كما نطقها الله. لذا في غربتها،
طمأنينة، راحة، سلام لا ينتزعه احد اذ انه غرس في الوفاء.
٦ / ٤ / ٢٠٢٢